Modern technology gives us many things.

التربية الروحية عند التيجانيين

293

التربية الروحية في الطريقة التجانية هو صفاء القلب ومجاهدة النفس للترقب الى الله تعالى

إنّ التربية الروحية التي تعني التحقّق بالالتزام الكامل بالشريعة ليس أمرا متاحا لكلّ الناس على حدّ سواء ، بل هي غاية يتطلّب الوصول إليها مجاهدة النفس وقهرها حتى تستقيم على طريق الشرع وَفْقَ منهج الشرع . والناس في السلوك طريق التربية درجات وفقا لما خصّ الله كلّ إنسان من الاستعداد الفطري ، وما منحهم من الطاقة الروحية . فَهُمْ يتفاوتون في الالتزام بالشرع على قدر العطاء الإلهي الممنوح لهم ، فمنهم السابقون بالخيرات ، ومنهم المقتصدون ، ومنهم الظالمون لأنفسهم المفرّطون في فعل الواجبات ، والابتعاد عن المحرّمات التى حرمها الله

ومن واقع هذا التفاوت في سلوكيات الناس ما جاء في حديث جبريل عليه السلام للرسول صلّى الله عليه وسلّم ليبيّن مراحل السير إلى الله تعالى التي هي محطّات عبور يعبرها كلّ من أراد أن يتحقّق بالكمالات الإيمانية والخُلُقية الحسنة.

فلنستمع إلى الحوار الذي دار بين الرسول صلّى الله عليه وسلّم وبين جبريل عليه السلام لنعرف مدى التفاوت بين درجات السلوك الإيماني بين المسلمين .

فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: « بينما نحن جلسين عندرسول الله ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يُرى عليه أثر السفر ولا يعرفه مِنّا أحد حتى جلس إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال يا محمد أخبرني عن الإسلام فقال رسول الله الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحجّ البيت إن استطعت إليه سبيلا قال صدقتَ قال فعجبنا له يسأله ويصدّقه قال فأخبرني عن الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره قال صدقت قال فأخبرني عن الإحسان قال أن تعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك

نقصر الحديث هناك عند باب الإحسان له عدت مقامات

من واقع هذا الحديث يتبيّن لنا أنّ مقامات السير إلي الله تعالى تنحصر عمومًا في المقامات الثلاث المذكورة في حديث جبريل عليه السلام .

فمقام الإسلام هو مقام لعامة المسلمين الذين تقيّدون بالتزام التوبة ولنطق بالشهادتين ، والعمل بأركان الإسلام الخمس ، وذلك بفعل المأمورات وترك المنهيات . ويبدأ مقام الإسلام بالتوبة التي هي أوّل منازل مقام الإسلام ، وتندرّج إلى الاستقامة ، وتنتهي بالتقو .

ومقام الإيمان هو مقام خاص للمسلمين الذين استقرّ اليقين في أعماق قلوبهم ، فتزوّدوا بالإخلاص القلبي الذي هو أوّل منازل مقام الإيمان ، ثم تدرّجوا إلى منزلة الصدق الذي هو صفاء المعاملة مع الله ، وحفظ القلب من الخواطر الشيطانية إلى أن استقرّوا في منزلة الطمأنية التى تجعلتهم في معزل من الشكوك ، وفي سكينة لا تتطرّق إليها الأوهام .

ومقام الإحسان هو مقام خاص ّ للخاصيةّ من عباد الله الذين تجرّدوا عن لأوهام؛ لطاعة الله تبارك وتعالى ، وأقبلوا عليه بقلوبهم وجوارهم دون الْتفاتٍ لسواه ، فأكرمهم الله بإضافة رحمة خاصّة عليهم حيث بوّأهم أعلى درجات الكمال الروحي ، وخصّهم الله بمنرلة المعرفة التي هي غاية العليا للسائرين إلى الله . ومنزلة المعرفة هي التي أشار إليها الحديث القدسيّ القائل: « وما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتّى أحبّه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينّه ولئن استعاذ بي لأعيذنّه هذاهو هدف التربية الروحية

إنّ الهدف الرئيسي للتربية الروحية التي تتبنّاها الطرق الصوفية هو الوصول إلي مقام الإحسان الذي هو مقام المعرفة الكاملة بالله تعالى التي عبّر عنها الرسول صلّى الله عليه وسلّم عندما سأله جبريل عليه السلام عن الإحسان حيث قال صلّى الله عليه وسلّم : « الإحسان أن تعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك . » . ومقام الإحسان هو مقام تحقيق العبودية الكاملة لله تعالى حيث يتحقّق العبد بجميع الفضائل الأخلاقية ، ويتطهّر من جميع الرذائل الأخلاقية ، ممّا يجعله  يكسب محبّة الخالق الذي يتفضّل عليه بإفاضة رحمته الخاصّة عليه وهي كمال المعرفة بالله تعالى . هذا هو هدف التربية في جميع الطرق الصوفية ، وهو هدف التربية أيضًا في الطريقة التجانية الأحمدية الإبراهمية الحنفية

والشرع هو ميزانها الأوحد  فما وافق الشرع فهو منها وما خالف الشرع فهي بريئة منه ؛الشرع من السنن والمستحبات وفضائل الأعمال ابتغاءا  لمرضاة الله ؛ذكر الله والنوافل افضل شغل يتقرب بها العبد الى ربه سبحانه وتعالى.

هذا ماكنت اود ان نقوله والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وشكرا لكم

الشيخ بشير صار مدير مكتب المرصد بالشقيقة موريتانيا

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.