ماذا بعد اقالة لايا غونزاليس والى اين تتجه العلاقات بين مدريد والرباط ؟
بقلم عبد الجليل المنصوري
كما هو معلوم أجرى الوزير الأول الإسباني “بيدرو سانشيز” يوم 10 من الشهر الجاري تعديلا وزاريا على حكومته كان من أبرز تجلياته الإستغناء عن خدمات وزيرة الخارجية والتعاون “ارانشا غونزاليس لايا” ، الإقالة جاءت عقب ضغوط قوية أبدعت الرباط في نسج خيوطها على مدريد بعد إغلاق المغرب لقنوات التواصل معها ورفضه إلتقاط الإشارات المتعددة التي أرسلتها إسبانيا لإعادة تطبيع العلاقات مع جارتها الجنوبية. وكانت الوزيرة السابقة ذات 52 عاما قد أبانت عن ضعف مهني وإفتقار واضح للإحترافية الدبلوماسية في تدبير حقيبة خارجية إسبانيا بعد تورطها بتنسيق مع النظام العسكري الجزائري في إستقبال سري وبوثائق مزورة وهوية مزيفة لزعيم الإنفصاليين إبراهيم غالي .
وهو ما كشفته بسرعة مخابرات مغربية أضحت مصنفة أحد أكثر أجهزة المخابرات في العالم عربيا ودوليا ، الشيء الذي تسبب في تفويض الثقة و تأزيم العلاقات مع المغرب أبرز شريك تجاري لإسبانيا في إفريقيا .وكذا زعزعة الثقة في القضاء الاسباني . وقضية تدفق ٱلاف المهاجرين على سبتة المحتلة، إستغلها الإسبان لنقل المعركة نحو الإتحاد الأوروبي من أجل إدانة المغرب الذي حرك بدوره البرلمان الإفريقي والعربي للإصطفاف إلى جانبه. وإزدادت الضغوط المغربية على مدريد بإقصائها من عملية “مرحبا ” .وبالتالي حرمان اقتصادها – الذي عانى الكثير من جراء تداعيات كورونا – من مداخيل مالية ضخمة يضخها عبور المهاجرين المغاربة لأرض الوطن .وذلك تزامنا مع مقاطعة قطاعات عريضة من السياح المغاربة للمنتجعات السياحية الإسبانية.
كلها عوامل دفعت برئيس وزراء الإشتراكي “سانشيز” إلى إقالة وزيرته في الخارجية وتعويضها بسفير إسبانيا في فرنسا المخضرم خوسيه مانويل الباريس بهدف إعادة الدفء إلى العلاقات المتأزمة مع المغرب وإخراجها من عنق الزجاجة .
فهل عزل “لايا غونزاليس” من وزارة الخارجية بإسبانيا يعني نهاية أزمة الثقة بين المملكتين ? المصادر الإسبانية أكدت أن إقالة الوزيرة السابقة لا ترتبط فقط بالأزمة مع المغرب بل أن تدبيرها السيئ لحقيبة الخارجية ساهم أيضا في توتر علاقاتها مع دول أخرى مثل “نيكارغوا ، الهندوراس والمكسيك” إضافة لفشلها في إستقطاب الدعم الأمريكي لمطالب مدريد بتراجع إدارة “بايدن” عن الإعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء. إلا أن الأزمة مع الرباط كان لها نصيب الأسد من تلك الإقالة خاصة بعد إغلاق الوزير “ناصر بوريطة” لكل قنوات الإتصال والحوار مع “لايا” ، وقيام المغرب أيضا بإغلاق صنبور المعلومات الإستخباراتية عن إسبانيا علاوة على تهديده بمراجعة إتفاقية الصيد البحري مع الإتحاد الاوروبي والذي يستفيد الأسطول الإسباني من حوالي90 % من أنشطته …
تبعات الأزمة الدبلوماسية مع المغرب عجلت إذا بإعفاء الوزيرة السابقة من منصبها بعد تحولها الى عائق مستدام يسمم كل محاولات رأب الصدع واستعادة الثقة مع البلد الجار والشريك الإستراتيجي للدولة الإيبيرية.
إن تضحية بــ “لايا غونزاليس” وتقديمها ككبش فداء لحلحلة التوتر وإستعادة الحوار مع المغرب من شأنه أن يؤدي إلى عودة الهدوء إلى تلك العلاقات . وهي المهمة التي أسندت إلى الوزير الجديد “خوسيه مانويل” الباريس سفير إسبانيا السابق في باريس الذي لم يتردد في بعث رسائل ود للمغرب من أجل إعادة العلاقات الكاملة إلى طبيعتها بين المملكتين على أساس الإحترام وحسن الجوار و المسؤولية المشتركة.
وتعول على هذا الدبلوماسي الذي درس بالمؤسسة الدبلوماسية الأمريكية بطنجة لأحداث إختراق وإمتصاص التوتر مع الرباط وهو ما سيفتح المجال لإذابة الجليد بينهما . إلا المراقبين يشككون في إحتمال عودة العلاقات بين الدولتين الى طبيعتها وحدوث تحسن سريع أو إختراق كبير في العلاقات الثنائية بحكم تواجد مجموعة من الأزمات النائمة والملفات الساخنة العالقة منذ أمد ليس بالقصير بين المملكتين.